السبت، 16 يناير 2010

المنسيات عند الاديب محمد المرزوقي(ج2)بوزوفه

لقد وعدنا بمواصلة الحديث عن المنسيات عند محمد المرزوقي ومن بينها ملحمة بوزوفه
ان هذه الكلمة هي صفة للجمل المهري الذي كان رفيق منصور بن بوراوي من قرية الصابرية الواقعة غرب معتمدية -دوز- والتابعة اداريا لمعتمدية الفوّار وهي من أوائل القرى المتواجدة بالجنوب الغربي .
ومنصور بن بوراوي من أول مقاومي هذه القرية الرابضة بين كثبان الرمال المترامية على مد البصر. ثار هذا الرجل ضد الاستعمار الفرنسي رفقة أربعة من ابناء قريته وكان منصور ينتسب الى عرش الرحامنة نسبة لجده عبد الرحمان بن مختار ابن الولي الصالح (المختار الكنتي بونعامة) وكنتي بونعامة حسب ما اتفق عليه عند أغلب الرواة انه عند وفاته وضعوا جثمانه بمكان معين في تلك الليلة ليقموا بدفنه صباحا وفي الصباح لم يجدوا له أثرا ماعدى أثر في ثلاث او اربع خطوات لنعامة.
وقد قام منصور بهذا التمرد ضد المستعمر برفقة كل من-بلقاسم بن عبد القادر -وحمد بن محمد بن عبد الني -ومحمد بالعربي -وعبد الله بن عبد السلام-وهؤلاء الاربعة من عرش البيضان نسبة لجدهم علي لبيض ابن الولي الصالح المذكور آنفا وهو شقيق عبد الرحمان جد منصور.
ولم يسجل اسم آخر لبقية العروش مثل الكرايمة-أو القضيليين- أوشبيب-
اما سبب تمردهم فكان لما لحقهم من ذل واهانة وقهر وهم بين صفوف الجيش الفرنسي بعدما جندهم بالقوة. وكان هذا التمرد سنة 1914 برواية اشخاص حضرؤا الواقعة -كبلقاسم بالعربي- شهر بالارشيف وذلك من حيث ولعه بتسجيل الاحداث -وبلقاسم بن يوسف شهر (جدي)كان مرجعا لضبط تاريخ ولادة جل سكان الصابرية وتصحيحه وذلك بعد الاستقلال
وقد يكون منصور من اول الثوار في الجنوب التونسي وقد كانت تسمى هذه السنة (بعام الهجّة) اي النزوح الى الشمال لطلب لقمة العيش.
وقد تمكنوا عند تمردهم من التحوز بالجمل المهري الذي شهر (ببوزوفه) حيث كانت له مواصفات خاصة فهو -فطن-قوي البنية-رهيف الاحساس-كبير الخفين-ومعروف الاثر- ولا يرهقه الجري أبدا .وكان الاستعمار الفرنسي قد افتكّه سابقا من شخص جزائري من قبيلة الشعانبه يدعى احمد بن غدير.
فر منصور بن بوراوي الى القطر الليبي صحبة رفاقه وواجهوا اشتباكات عدة مع الفرنسيين الى ان تمكنوا من الوصول الى الحدود الليبية
حيث اشتبكوا مع دوريات من الجيش الايطالي فقد منصور هنالك كل من حمد بنمحمد عبدالنبي-ومحمد بالعربي -وعبدالله بن عبد السلام ولم يبقى معه سوى بلقاسم الذي قرر الاستقرار بليبيا وتزوج هناك ومات بعد سنوات في احدى غزوات القبائل حسب ما تأكد في غزوة بنغنّوم هو الآخر له قصّة شهيرة(سنأتي على ذكره في حلقة اخرى من المنسيات- وهو شاعر كبير وقد أرّخ الغزوة بشعره)
أما منصور فعاوده الحننين الى الصراع من جديد فقررالعودة الى مسقط الرأس بعدما بلغه ما تعرض له الاهل من ممارسات بشعة من المستعمر فقفل منصور راجعا بمفرده حيث التقى في عودته بعدة ثوار في الصحراء التونسية اشترك معهم في صد بعض الدوريات الفرنسية وواصل طريق الرجوع مارّا -بنهيرة - ومر ببير عوين- اين تزود بالماء وبعد يومين من مروره بهذا المكان -صادف ان كشفت اثره دورية فرنسية واستنجدت بعراف الاثر الذي اكد ان الاثر اثر بوزوفه وكان العراّف شخص من قبيلة العذارى سيأتي اسم ذكره بعد حين
وعند التأكد تم الاتصال من آمر الدورية بالقيادة في -دوز- التي جندت بدورها دورية ثانية مهمتها محاصرة قرية الصابرية التي قد يكون وصلها ولم يخرج منها بعد.اما الدورية الاولى فقد واصلت التتبع لمدة يوم كامل ولم تلحق به كما قال الشاعر:
تعدّوا عل مرسال البــير**ولونها الجره معروفه
وجابوا ولد الكوت خبير**وقاللهم جرة بوزوفه
ومن ثم مشوا شناتـــير** للمغرب ما ثمه روفه
والواضح ان الدورية قد تراجعت بعد تكليف دورية -دوز بالمهمّة وفي نفس الليلة بينما منصور يقضي ليلته مع العشيرة كانت الدورية تحاصر الصابرية. بات منصور ليلته مع اخته دون نوم حيث كان يراوده ما يراوده وعند الفجر استعمل التمويه فلبس لبس امرأة وخرج مع مجموعة نساء جرت العادة بالخروج عند ذالك الوقت لجلب الحطب وكان لابسا (عفّان) وهوحذاء الشعر وتلبسه النساء والرجال على حد السواء
وخرج منصور الى المكان الذي ترك به الجمل وعند وصوله خلع الملابس (والعفّان) ولبس البلغة وامتطى راحلته وكاد ان ينجح لولا ان النعاس غلب عليه وهو على ظهر راحلته.الاّ ان الدورية وجدت اثر النسوة صباحا فإقتفتها وكان هناك رجل التهبت بداخله شرارة الوطنية فقال:توقفوا فهذا الاثر اثر نسوة يطلبنا الحطب.فرد عليه آخر اني ارى بعض الخطوات قد نزلت في الارض اكثر واني لأظنها خطوات رجل
فأمر آمر الدورية بالمواصلة الى ان بانت الحقيقة وظلوا وراءه حتى بدى للعين المجرّة ومرة اخرى حاول هذا الرجل الوطني اذاء جمله كي يصدر رغاء ويتفطن منصور لكنه لم يصدر اي صوت وتفطن الآمر للأمر وأمر بترك المهاري واللحاق به على الاقدام ثم اصدر أوامره بالتصويب على الجمل لا الرجل لأنه يعرف ان الجمل اذا ما تفطن فإنه مانع لا محالة. وكان له ما أراد فمات الجمل وجرح منصور بده اليمنى التى يعتمدها للرماية ويوجه الجمل بالاخرى .
وهكذا كانت نهاية بطل من ابطال تونس قالوا علنا للمستعمر لا..لا..لا
القي القبض على منصور بمكان يقال له العرف اصبح اليوم يسمى بعرف بوزوفه او عرف التارقي وعند الرجوع به دار بينه وبين الآمر حوار كذبه منصور وسب الآمر وفرنسا وبصق في وجهه فأمر بقتله بمكان اسمه الشارب لحرش قرب سيدي مرزوق وكان ذلك سنة 1917م
مما جعلنا نقول ونسجل:في قصيدة زرعني الوطن
زرعني الوطن وزرعت حبَه في ذاتي** وفي قصـــــــائدي وكلماتي
وغير وطننا ما يجيش قول مواتي

زرعني الوطــــــــــــــن في تربـــه** حظاني رعاني حطني في دربـــه
سقاني عصير العشق شربه شربـه** شراب وِدْ فات الحد في حساباتـي
نطْرََبْ على أسمه تزيـــد الطربــــه** ونـنسى الغربه وقصتي ومأساتي

نـــــــنسى المــــــــآسي جـــملــــــه** والقلب بعد الرَزن يهــبط حملـــه
بلا وطــن ضاع العمر ما تــخمَِملـه** زي حي زي ميَت وقبرك واتـــي
ومهما حروف الشـــِعرما تنــظَملـه** ما يجوش في ثــايررفع إستاتـــي

ما يـــــجــــــــوش في ثــــــــــوَاره** يوم إن كثحْ غََـــــَبَْر نبــشْ زراره
وقدَاش تنسجَِل عدد احــــــــــــراره** نشَفْ قلم حبري سمــــــق دواتي
وقدَاش من مشهـــد قعدمـــــــــزاره** مرجع يرجَِع مجـــــــد عِـز أبَاتي

قــــــــــدَاش منهـــو ثــــــايٍِــــــــــرْ** طوتْ صفحته ليَام بين نكـــــــاير
من ليبيا لبنزرت للجـــــــــزايـــــــر** لقيت بصمته بالمجدعل صفحاتي
ومنها ضوي تاريخ قــاعـد نـايـــــر** ذكرى مراجع حدَدت غفـــــــواتي

قــــدَاش منهــــــا مراجـــــــــــــــع** منها صحى من كان راقدهــــاجع
وفي قلوبنا صحَتْ صحتْ أمَاجــــع** منها تولَدْ ضغط في نبـــــــضاتي
لقيت الدَواء وحل الصَحيح النَاجــع** في ذكرالهداني من حياته حيــاتي

في ذكرالهـــــــــــداني هديـــــــــَــه** من طعم الأستقلال والحـــــــــرَِيه
ونرجع قدى التاريـــــخ يرجع بـيَـــا** عل نورهم نوَر ْضــوي شمعــاتي
على أول الثوَار في الصــــابريـــــه** من عام أربعطاش في حســاباتي

أول شــــــــــــــــراره نـــــــاضـــت** يوم إن قلق منصـورروحه فاضت
معاه الجماعه أخلوقهـــم ماراضـت** رفعوا شعارالمــوت وإلاَوطاتـــي
ومن يومها خاضتْ وزادت خاضت** كلام صدق من التاريخ في لفظاتي

كـــــــلام صــــــدق بيه نعــــــــرَفْ** ولانيش نُــنْـفُخْ بالحديــث نْخرَََفْ
وقدَاش يا وقت المشوم تصــــــرَِف** خُطاك واسـعه ماوالمتْ خطواتي
وينه فرج وأرباط بيـــهم جــــــرَف** سيل غدرمن غاشم نوي نكباتي

ويــــــــــــنه فـــــــرج وأصحـابـــه** ووينه المفرمي الكلـمته مصــوابه
وقسَوم وعبــــوده الباع شــــبابـــه** وضنوة العربي مسجَله في إثباتي
وعبد النَبي محــــمد إلــــزازتـــرابه** عليهم قريت الـفاتحه في صــلاتي
ملاخظة:القصيدة كاملة بالمدونة(شهر ابريل 2009)

هناك تعليق واحد:

salemsoufi يقول...

وقد تمكنوا عند تمردهم من التحوز بالجمل المهري الذي شهر (ببوزوفه) حيث كانت له مواصفات خاصة فهو -فطن-قوي البنية-رهيف الاحساس-كبير الخفين-ومعروف الاثر- ولا يرهقه الجري أبدا .وكان الاستعمار الفرنسي قد افتكّه سابقا من شخص جزائري من قبيلة الشعانبه يدعى احمد بن غدير.

اشكرك على ذكر اسم جد ابي غدير بن احمد و المهري بوزوفة الذي كان يملكه.
و احيطك علما اخي ان الاسم العائلي الخاص بنا هو غدير احمد من عرش الغدايرة قبيلة الشعانبة بوادي سوف
و انا اطمع ان تزودنا ببعض المقتطفات التاريخية المشتركة بيننا و بينكم ان امكن ذلك
و شكرا مرة ثانية